رمضان و عاداته وطقوسه في طيرة حيفا
في رمضان تكثر السهرات والزيارات حيث التراحم والمودة والمحبة تخيم على الجو العام .
وفي رمضان يتفقد الغني الفقير ، يتذكر القريب قريبه فتكثر المصالحات وتقل الشحناء والبغضاء ، الجميع في تراحم ومودة وتتبادل الضيافات بين الجيران والاقارب وتكثر صناعة الحلويات ويجلس بعض الرجال على سطح الجامع القديم وبتناولون الفطور سويا وتكثر زيارة المقامات والنذر والافطار حولها.
اما الاولاد فتراهم يصومون على قدر استطاعتهم ، فمنهم من يصوم حتى الظهر ومنهم من يصوم حتى العصر ومنهم من يكمل الصيام حتى الاذان. ويجمعون طوال النهار ما يشترون من حوانيت القرية او الباعة الجوالين ويضعونه في قطعة قماش يلفونها وكانوا يسمونها "صرة" وياكلون حاجياتهم بعد الافطار . وجرت العادة ايضا ان يقف الاطفال في الحارات او فوق الاسطح وقرب المسجد ليروا المؤذن حين يصعد فوق سطح الجامع ليرفع الاذان . ويركضون نحو البيت . ومن المعروف انه لم يكن ثمة اذاعة او مكبرات صوت ليسمع كل انحاء القرية.
وتتوالى ايام رمضان ، والفرح والسرور يعم ارجاء الاسرة ن وفي اخر اسبوع منه يبدأ الاستعداد للعيد فيذهب الاب بالابناء ويشتري لهم الالبسة الجديدة . وتستعد الام لصناعة كعك العيد. وكان الاقارب يبلغون بعضهم عن موعد صناعة الكعك ليتسنى لكل فرد ان يساعد الاخر وتجدهم يتحلقون كل يوم في بيت.
اما هذه العادة المتوارثة عن الاجداد القدامى فتبدا منذ الصباح حيث تحضر الام الطحين الخاص بالكعك وهو الطحين الابيض المطحون من الزريعة الصفراء . وحوائج الكعك المؤلفة من جوزة الطيبة – اليانسون – المحلب – الملح والخميرة . ويحضر الحليب والسمن العربي وزيت الزيتون والحشوة المؤلفة من جوز وسكر وعجوة وسمسم (يبس اي يعجن بطرقية خاصة) الطحين مع الزيت او السمن وحاجيات الكعك حتى تصبح العجينة جاهزة وتترك حتى تتمخر وبعد الافطار يبدا صنع الكعك , وتوزع الادوار على افراد العائلة ومن يساعدهم . اما انواع الكعك فهي المحشوة بالجوز والسكر والمحشوة بالعجوة . وهناك نوع ثالث هو (المقروطة) وهي عبارة عن لفائف عجين محشوة بالعجوة تقطع ويرش عليها السمسم وبعد خبزها يرش عيها السكر الناعم .
وعند انتهاء العمل يؤخذ الكعك الى الفرن وهناك تنتظر كل امراة دورها . وتراهن في هه الاجواء يتناقلن اطراف الحديث والاخبار ويساعدن بعضهن . وقد جرت العادة ان يعطى الخباز شيئاً من الكعك اضافة لأجرته عند الانتهاء من خبز الكعك . واذا ما صادفهن احد في الطريق الى البيت يعطينه ايضا وكأنهن يزكين ما انتجته ايديهن . قد يمتنع عن هذه العادة لسنوات عدة اذا مات عزيز يخص العائلة ويعتبر ذلك من انواع الحداد .