التراث الشعبي في قرية طيرة حيفا

blog post with image

 

التراث الشعبي

 

           لا شك ان مسألة التراث الشعبي تعتبر الان من الموضوعات الهامة. فهي لا تقل اهمية عن الاثار، ولا تقل عن دراسة الجغرافية او التاريخ بل هي متداخلة مع معظم الموضوعات التي تحدد شخصية شعب ما

 

وفلسطين ام الحضارات وام التاريخ ، وهي اليوم مغتصبة من استيطان واستعمار يعمل على سرقة كل شئ وينسبه لنفسه. فما علينا الا ان نواجه ذلك الحفاظ على تراثنا وتاريخنا ونفهمه نلتمس ا خطاء ونعرف مدى اهميته في الصراع الطويل بيننا وبين ذلك المغتصب . للتراث انواع والذاكرة الشعبية حددت ذلك كما الدراسات . ولو اردنا التحدث عن كل لون من الوان التراث لخرجنا بمجلدات . ونحن هنا نستعرض امثلة عن التراث ليس بهدف التعريف به بل للتذكير ، فالتراث ليس ملكا لقرية او مدينة بل هو ملك للوطن بأسره

 


المثل الشعبي

 يطلق المثل الشعبي في حادثة ما، في موسم ما ، في حالة نفسية ما. وتشمل شتى موضوعات حياتنا. وللمثل تاثيره في التنبؤات بالمواسم ومن رسم انطباع اولي عن شخص ما او عن القرية بكاملها. لذلك يعتبر المثل من الانواع الهامة في التراث الشعبي وهذه بعض الامثلة التي كان يداولها اهل القرية والقرى المجاورة . يرصد الفلاح الموسم قبل ظاهرة هجرة الطيور في بدا ية الشتاء 

 فيقول المثل في ذلك 

(نام الحمام افرش ونام) 

فلا تنفع الحراثة لان الموسم رديء. (سنة الزرزور احرث في البور) كناية عن الموسم الجيد 

. (سنة القطا نام بلا غطا)

 فلا برد ولا مطر ولا زرع جيد

 (اللي بيلعب مع القط بيلقى خراميشه)

 ويقال للانسان الذي يعرف خصمه مسبقا ولا يكترث لذلك وبعد صراعه معه يندم

 

(اللي بيوكل على ضرسه بينفع نفسه)

 ويضرب للانسان الممتنع عن الطعام 

(كول زيت وانطح الحيط)

 كناية لما للزيت من فوائد عل الجسم

 

(الدار دار ابونا واجو الاغراب يطحونا) 

ويقال من قبل البنات المتزوجات للكنة زوجة اخاهم وهي التي سيطرت على بيت والد الفتيات

 

(اللي امه في البيت بوكل خبزة وزيت)

 يقال فيمن يؤثر على غيره من اهل البيت الواحد

 

(زيتنا في خوابينا) 

ويضرب في زواج الاقارب لحفظ الثروة ضمن العائلة 

(فراقك كرارة على بيتوت كل الحارة) 

ويقال عن المراة التي تتنقل من بيت لبيت غير مكترثة لبيتها

 

(مثل حمل خمسين جمل على قرقوم عدس) 

ويضرب للرجال الضخم الذي يضرب طفلا صغيرا

 

(يا شعيري عيري) 

ويقال لوصف الرجل الاهوج ولمن معه مس من الجنون 

(مثل فرس ابو حليمه) 

وابو حليمة هذا رجل من القرية كانت لديه فرس تسبق الخيل في اول السباق ومن ثم تاخذ بالتراجع حتى تصل اخر الخيول لانها كانت اصيلة ثم كدشها

 

الاغنية الشعبية

 

اما الاغنية الشعبية في القرية فهي كثيرة ولا تقتصر على العرس . وكثرتها وتنوعها يعود الى اللحن والنوع . اما من حيث المناسبة فهناك 

 1

 اغاني الطفولة والولادة والختان واللعب مع الاطفال واغاني نوم الطفل

2

لاغاني الدينية والاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف او الاحتفال بمناسبات دينية اخرى تتعلق بالاولياء والمزارات او

التي تتعلق ببعض الظواهر الطبيعية ككسوف القمر.

3

 اغاني الخطبة والزواج


اغاني العمل ، اغاني الصيد والحصاد وقطف الثمار

 

           هذه لمحة موجزة عن الاغنية الشعبية الفلسطينية كما رايناها في العرس وفي مناسبات اخرى والتي كان اهل القرية يتداولونها بصفتهم جزءا من هذه الارض المغتصبة

 

الحكاية الشعبية 

 

تذكرنا الحكاية الشعبية دائما بالجد والجدة وسهرات ليالي الشتاء الطويلة والحكاية مرتبطة بطبيعة القرية وتضاريسها واصولها ومعتقداتها . والطيرة وعرة المسالك وذات مغاور قديمة موحشة واشجارها الطبيعية كثيفة ووديانها هادرة في الشتاء . كل ذلك جعل للحكاية المخيفة مكانة في نفوس ابناء القرية وانتشرت حكايا الغول والغولة والوحوش الكاسرة كالاشباح والاموات . وقد اختلطت هذه الحكايات مع قصص الف ليلة وليلة بل اعتبرت احدى مصادرها. وقد رافق هذه الحكايا السير الشعبية حيث كانت تقرأ وتحكي في البيوت والمضافات ومن هذه السير عنترة بن شداد – الزير سالم – التبع حسان – الجفر – سيف بن ذي يزن وغيرها . وايضا من السير التي تناقلها ابناء القرية السيرة النبوية والفتوحات الاسلامية وما رافقها من بطولات لاشخاص وجماعات

 

المعتقدات الشعبية

 

من هذه المعتقدات خسوف القمر فكان اهل القرية يعتقدون ان سبب خسوف القمر هو ابتلاع الحوت له فكانوا عند حدوث الكسوف يصعدون الى قمم الجبال والتلال في القري ويغنون ويصفقون ويطلقون النار باتجاه البحر ويهتفون مرددين فلت قمرنا يا حوت والا بنطلعلك بالعود . ويبقون كذلك حتى تزول حالة الكسوف . وعندها يعتقدون ان الحوت رضخ لتهديداتهم وافلت القمر

 

وهناك اعتقاد شائع بان الزلازل والهزات الارضية تحصل نتيجة نقل الكرة الارضية من قرن الثور الى القرن الاخر . ظنا منهم ان الكرة الارضية موجودة على قرن الثور وعندما يريد ان يريح قرنه ينقل الكرة الارضية الى القرن الاخر مما يتسبب بحصول هذه الظواهر الجيولوجية

 

هذه المعتقدات كانت سائدة قديما ومع تطور العلم ودخول المدارس القرية بدا هذا الاعتقاد ينحصر من عقول الناس 

 

التطريز الشعبي 

ويتم اوقات فراغ المرأة في الطيرة وتجده عند الفتيات اكثر من 

النساء كون الفراغ اكثر حين يطرزن على ملابسهن وخاصة جهاز العروس وعلى المخدات والشراشف يرسمن نقوشا يعود بعضها الى قديم الزمان الى الكنعانيين. وهذه الرسوم تاتي من واقع القرية وخاصة المزروعات مثل القمح وسنابله وبعض رسوم الاشجار وبعض الاشكال الهندسية 

 

وتضاف ال هذه النقوش ايضا النقوش الموجودة على قوالب الكعك الشعبي والتي تؤكد اصالة هذه القرية وانتماؤها الى التاريخ عبر الاف السنين 

 

الحداؤون 

 

هذه الظاهرة جديرة بالحبث لانها ليست مجرد اقوال او اصوات وانما هي تسجيل لتاريخ الحياة في القرية . او المنطقة او البلاد باسرها . وتسجيل لهذا الحدث او ذلك ولهذه الشخصية او تلك

 

وفي الطيرة لا يكتمل العرس الا بوجود الحداء والمغني الشعبي ووجود الالات الشعبية مثل الارغول والشبابة والمجوز

 

وكان في البلدة مغنون وحداءون وعازفون ولكن في بعض الاحيان يستضيفون الحدائين من القرى المجاورة مثل محمد وقاسم الديراوي من دير الاسد وتوفيق الريناوي من الرينة وفرحان سلام من المجيدل وصالح خرابيش من بلد الشيخ وابو سيعد الحطيني من حطين وعارف الارغول ابو عبد الله الصرفندي من الصرفند

 

اما في القرية فكان منهل ابو حسان – محمد قبيعة المشهور بالقبعي . والاكثر شهرة الشاعر الشعبي احمد العميا الذي يروي عنه اهل القرية روايات كثيرة لسنا بصددها وانما نكتفي بما دونه وساهم به في هذا المجال . قد كتب عنه الشاعر سعود الاسعد مقالة بعنوان (رماني الدهر) اثنى فيها على هذا الشاعر لتأريخه في قصيدة واحدة للشعراء والمغنين الشعبيين من فلسطين والذين عاصروه في فترة الثلاثينات والاربعينات 

 

ولنقرا ماذا كتب 

 

اسعد عطا الله ما شاء الله                        لابس حلة عل القياس

من البروة عنه بيروي                                      اشعاره الحلوة في الاعراس

 

لحميدي يا قرم نجيدي                                      مثل الميدة آل هالدرباس

من ترشيحا هالمليحة                                       قولو شيحا وما هو بسباس

 

انا العميا لا تنهيا                                   يوم الغي بيحسن القواس

من الطيرة هالشهيرة                                        يوم الغيرة بيرفع الراس

ابو سعيد قرم عنيد                                          بطل شديد عنه لاباس

 

ابن عابد سبع لا بد                                          يوم الشدايد ما ينداس

من البعنة لو تمسعني                                       كلا موا مبني على الاساس

 

ابو خليل باعوا طويل                                       بحبال المرس ما ينقاس

ساكن شعب اهل الادب                                     صاحب طرب عندو ونوماس

 

شناعه مريح كلامو زيح                                   بيوم الصيح حقوا ما خاس

ساكن طمرة اهل الشهرة                                   قولوا عطره زاكي الانفاس

ابو درويش بدو يعيش                                      عالبخشيش من كل الناس

ابن مخايل باعو طويل                                     لو طنا طن وجراس

 

اما يحيا فليحيا                                                ذكروا واصل لطوباس

ساكن عمقة حلو الخلقة                                     مثل البرقة بليل غطاس

 

بتاع فسوطة هالمزبوطة                                    حكيو قوطة بينفع غماس

رجل هميم شجاع كريم                                     اسموا ابراهيم الشماس

 

اما لواح بسبع رواح                                        دزاز رماح راعي حماس

بيتو معروف بعيال معروف                              ضريب سيوف يوم البرجاس

 

يوسف نخلة مثل النحلة                                     يتعطي رطبها بالاكداس

من الرامة بالعلامة                                          بشهدلوا احمد والياس

 

ابن خطاب اه يا شباب                                      بقرا الكتاب لو كان طماس

ساكن سخنين ليث العرين                                 عقلوا فطين شعلة نبراس

 

صالح العثمان زين الشبان                                قلب البستان بعطر الاس

الصفوري يا حضوري                                     عندو الفنون اجناس اجناس

 

العبليني القطيني                                              كلاموا زينة خمرة بكاس

من الهوارة ها الامارة

 

ويذكر ان الشاعر الشعبي كان مناضلا وشهيدا مثل الشاعر نوح ابراهيم وهو شاعر ثورة القسام وقد استشهد كما يستشهد الابطال

 

وفي الشتات ، في دمشق تحديدا عرف من اهل الطيرة المغني الشعبي مصطفى الباش حيث كان له الدورالرائد في نقل العرس الفلسطيني واقعياً الى الاجيال وكان شريكه في الحداء ابو الشيخ الطنطوري وعازف الارغول ابو عبد الله الصرفندي ، الشكل

 

الالعاب الشعبية في الطيرة

 

تتنوع الالعاب في الطيرة بسبب المواسم والفصول ، فالعاب الشتاء لا تؤدى في الصيف ، والعاب الربيع لا تؤدى في الشتاء ، وذلك لوجود مادة اللعبة ومكانها. وتختلف الالعاب ايضا في الاعياد ورمضان

 

وهذه بعض الالعاب نوردها هنا دون شرح لوجود كتب مختصة بذلك. الاب البنات تتميز بانها خاية من اي عنف او خشونة وتتناسب مع رقة الفتاة وانوثتها وتكون منسجمة مع التربية الاجتماعية التي اساساها الدين – العادات والتقاليد ، من هذه الالعاب : بيت بيوت – المدرسة – الحملة – العتالات – يا فطومي – حاكم جلاد وهذه مشتركة مع الصبيان  الحبلة طاق طاق طاقية وهذه ايضا مشتركة – يمسيكم بالخير – واحنا الثلاثة سوا ولعبة الزقطة والطميمة وهاتان اللعبتان مشتركتان مع الصبيان واخيرا لعبة افتحي يا وردة 

 

اما العاب الصبيان فتتميز بالركض والاعمال الرياضية والخشونة نوعا ما . من هذه الالعاب: الحرامية – نطاطة الشبرين – القفز العالي – القفز العريض ويسمى الطيحة – الشلاليط – القرد المربوط – المباطحة – المجادي او الحجر بحجر – طابة الترويح – البنانير- السياح او البلبل – المقلاع – الطائرة الورقية – الالعاب الرياضية ككرة القدم – جمال يا جمال – هون ضايعه طاسة حمرا وهاتان الاثنتان مشتركتان مع الفتيات – لعبة الزودة – لعبة الشعيرة – لعبة الحيز – لعبة ادريس ويلعبها الصغار والكبار – لعبة الكف والمسك بالاذان ويشترك فيها الكبار – لعبة ساعة القش في ايام الحصيدة – لعبة الصيد النقيفة – الفخاخ – الصيد بالدبق – الصيد من الاعشاش – الصيد بالمنخل – صيد الخلد – صيد القنفذ وصيد الحشرات وهي اقرب ما تكون الى العادات

 

وهناك العاب يلعبها كبار السن مثل ورق لاشدة وخاصة في المقاهي ولعبة المنقلة التي كان يلعبها كبار السن  لعبة الضمامة 

 

اسماء بعض الادوات في القرية 

 

خابية : مخزن الحبوب 

 الخوصة وتعني السكين 

 الزلفة وتعني المعلقة 

الدست : وعاء نحاسي كبير يستوعب 500 – 800 لتر من السوائل 

 المذود : وعاء مستطيل يوضع فيه تلف الحيوانات

 الزلعة: جرة كبيرة الحجم مصنوعة من الفخار وتطلى بالسيراميك الصيني ويحفظ فيها الزيت 

 العسلية او المشربية وهي ادوات فخارية للشرب 

 السبق وهو القشاط او الحزام الجلدي

 الطبق وهوقرص دائري مصنوع من سيقان البوص ويزحرف بألوان عدة 


 طز طز : الدراجة النارية

من كتاب طيرةحيفاكرملية الجذور فلسطينية الانتماء

للكاتب احمد الباش

 

                                                                                                  مع تحيات تيسير إبن طيرة حيفا                                                                                


احدث المقالات