في الذكرى السنوية لاستشهاد كوكبة الأبطال فــؤاد حجازي .. محمد جمجوم .. عطـا الـــزير

blog post with image
يوم الثلاثاء الحزين ( 17- 6- 1930 م ) حددت سلطات الأستعمار البريطاني يوم الأعدام بحق الأبطال الثلاثه و ابتسامه الأنتصار على وجوههم ليسطروا بها قصيدة و ملحمه بطوليه
يصادف اليوم 17-6 ذكرى استشهاد شهداء ثورة البراق الآبطال محمد جمجوم وفؤاد حجازي ،عطا الزير
ثلاثة أبطال وهبو أرواحهم لفلسطين، لكي تبقى شعله للنضال الفلسطيني مشتعلة، رحلوا وسجلوا صحائف مشرقة في تاريخ شعبنا مجدا وأنبهارا لحكاية مازالت الآجيال تحفظها عن ظهر قلب، ولملحمة صاغها أبطالها تحت أعوال المشانق وفي غياهب الزنازيل الخرساء في عكا مدينة الرمل الحار التي حملت ميادينها أسماءهم، وهبق أرواحهم ومسك انفاسهم الحرى التي شهدات بالوجدانية وأبتسامه ظلت على شفاههم تؤكد ان القيم الوطنية النبيلة التي قضوا من أجلها سيحملها المناضلين ويهتفون بها لمواصلة مشوار الثبات والتحدي أمام دموية الجلادين وغطرسة المحتلين

يوم 14 آب سنة 1929 قام اليهود بمناسبة خراب الهيكل بمظاهرة في تل ابيب رفعوا فيها الاعلام اليهودية وكانوا يهتفون "الحائط حائطنا والقدس قدسنا" وكانوا ينشدون نشيد (هتكفا) ومن هناك اتجهوا نحو القدس.

يوم 15 آب صادفت ذكرى المولد النبوي الشريف، فقام العرب على اثرها بمظاهرة كبرى في القدس واندلعت الاشتباكات وسقط عشرات القتلى والجرحى

في ظهر يوم الجمعة 23 آب، سرى خبر ان اليهود قتلوا عربيين وقامت المظاهرات في عدة مدن منها نابلس والخليل، حيث وقع العديد من الضحايا

اما في يافا فقد قام الصهاينة بهجوم على (سكنة ابي كبير) وقتلوا إمام المسجد الشيخ عبد الغني عون وستة من افراد اسرته وقتله اليهودي "خانكن" (يوسف ابراهيم مزراحي) الذي ثبتت عليه تهمة القتل، اما في القدس فقام الصهاينة بهجوم على مقام الصحابي عكاشة واحدثوا فيه اضرارا كبيرة.

اما في صفد فكانت الاصطدامات اشد شراسة وسقط العشرات من القتلى والجرحى، تخللت ذلك احداث نهب للمخازن والدكاكين بين الطرفين. استمرت الاحداث 15 يوما وكانت حصيلتها قتل 13 يهوديا وجرح 329 وقتل 116 عربيا وجرح 232

كانت غالبية الاصابات بين العرب برصاص القوات العسكرية والشرطة البريطانية، كما اعتقلت القوات البريطانية مئات الاشخاص وزجتهم في السجون، واتخذت اجراءات شديدة من اجل وضع حد للاشتباكات الدامية التي امتدت الى معظم القرى والمدن الفلسطينية

وقد اعتقلت السلطات البريطانية 792 عربيا حكم على 20 منهم بالاعدام واستقر الحكم في النهاية على ثلاثة اشخاص هم: عطا احمد الزير ومحمد جمجوم من الخليل وفؤاد حجازي من صفد كما اعتقلت 92 يهوديا حكم على شخص واحد بالاعدام هو (خانكين) لكنه خرج من السجن بعد 6 اعوام فقط

بالثلاثاء الحمراء انتصرات ثورة الغضب الذي اندلعت في فلسطين انتصارا لارواح الآبطال الذي حلت في قلوب الفلسطينين كي يتشربوا صمودهم وتحديهم وبسالتهم وشجاعتهم وثباتهم ، وكل قيم الشجاعة والتمسك في المبادئ

سقطت أعناق الجلادين وظلت شامخة أعناق الشهداء ترموا أنظارهم سماء فلسطين التي تضيفهم كل يوم لونا زاهيا في طيف الوانها الحرة 



محمد خليل جمجوم

ولد بمدينة الخليل عام 1902م وتلقى دراسته الابتدائية فيها. أكمل دراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية في بيروت وشارك في الأحداث الدامية التي تلت ثورة البراق ضد مواطنين يهود في زمن الانتداب البريطاني على فلسطين

عرف محمد خليل جمجوم بمعارضته للصهيونية وللانتداب البريطاني. جعلت مشاركته في المقاومة ضد الصهيونية أن تقدم القوات البريطانية على اعتقاله في 1929 م مع 25 من العرب الفلسطينين وقد حوكموا جميعاً بالإعدام
 الإ ان الأحكام تم تخفيفها إلى مؤبد، الا عن ثلاثة هم

***فؤاد حسن حجازي***
*** محمد خليل جمجوم***
*** عطا أحمد الزير***

وفي يوم الثلاثاء 17 يونيو 1930 تقرر إعدام الثلاثة، وكان تطبيق حكم الإعدام شنقاً في محمد خليل جموم الساعة التاسعة صباحاً في سجن القلعة بعكا. وقد قدم الشاعر الشعبي نوح إبراهيم مرثية للمحكومين الثلاثة غنتها فرقة العاشقين ما زالت مشهورة لدى الفلسطينيين
من سجن عكا وطلعت جنازة-محمد جمجوم وفؤاد حجازي
جازي عليهم يا شعبي جازي-المندوب السامي وربعه عموما

رسالة

وقد سمح له ولرفيقيه أن يكتب رسالة(هذه الرسالة ارسلت إلى الزعيم سليم عبد الرحمن) في اليوم السابق لموعد الأعدام وقد جاء في رسالتهم: "الآن ونحن على أبواب الأبدية، مقدمين أرواحنا فداء للوطن المقدس، لفلسطين العزيزة، نتوجه بالرجاء إلى جميع الفلسطينيين، الا تُنسى دماؤنا المهراقة وأرواحنا التي سترفرف في سماء هذه البلاد المحبوبة وأن نتذكر اننا قدمنا عن طيبة خاطر، أنفسنا وجماجمنا لتكون أساسا لبناء استقلال أمتنا وحريتها وأن تبقى الأمة مثابرة على اتحادها وجهادها في سبيل خلاص فلسطين من الأعداء. وان تحتفظ بأراضيها فلا تبيع للاعداء منها شبرا واحدا، والا تهون عزيمتها وان لا يضعفها التهديد والوعيد، وان تكافح حتى تنال الظفر. ولنا في آخر حياتنا رجاء إلى ملوك وامراء العرب والمسلمين في أنحاء المعمورة، الا يثقوا بالاجانب وسياستهم وليعلموا ما قال الشاعر بهذا المعنى: "ويروغ منك كما يروغ الثعلب". وعلى العرب في كل البلدان العربية والمسلمين ان ينقذوا فلسطين مما هي فيه الآن من الآلام وأن يساعدوها بكل قواهم. وأما رجالنا فلهم منا الامتنان العظيم على ما قاموا به نحونا ونحو أمتنا وبلادهم فنرجوهم الثبات والمتابعة حتى تنال غايتنا الوطنية الكبرى. واما عائلاتنا فقد اودعناها إلى الله والأمة التي نعتقد انها لن تنساها. والآن بعد أن رأينا من أمتنا وبلادنا وبني قومنا هذه الروح الوطنية وهذا الحماس القومي، فاننا نستقبل الموت بالسرور والفرح الكاملين ونضع حبلة الأرجوحة، مرجوحة الأبطال بأعناقنا عن طيب خاطر فداء لك يا فلسطين، وختاما نرجو أن تكتبوا على قبورنا:
 "إلى الامة العربية الاستقلال التام أو الموت الزؤام وباسم العرب نحيا وباسم العرب نموت"

فؤاد حسن حجازي

ولد في مدينة صفد - شمال فلسطين عام 1904. تلقى دراسته الابتدائية في مدينة صفد ثم الثانوية في الكلية الإسكتلندية واتم دراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية في بيروت

شارك فؤاد حسن حجازي مشاركة فعالة في مدينته في ثورة البراق التي عمت أنحاء فلسطين عقب أحداث البراق سنة 1929 وقتل وجرح فيها مئات الأشخاص

كان فؤاد حسن حجازيأصغرهم سناً الأول من بين المحكومين الثلاثة الذين اعدمتهم سلطات الانتداب البريطاني
 في يوم
17-6-1930 
 بسجن القلعة بمدينة عكا

رسالة

وقد سمح له أن يكتب لأهله رسالة في اليوم السابق لموعد الإعدام فكتب وصيته وبعث بها إلى صحيفة اليرموك فنشرتها يوم 18-06-1930 بخط يده وتوقيعه وقد قال في ختامها: ان يوم شنقي يجب أن يكون يوم سرور وابتهاج وكذلك يجب اقامة الفرح والسرور في يوم 17 حزيران من كل سنة، ان هذا اليوم يجب أن يكون يوما تاريخياً تلقى فيها الخطب وتنشد الأناشيد على ذكرى دمائنا المهراقة في سبيل فلسطين والقضية العربية

عطا احمد الزير

ولد في مدينة الخليل- فلسطين عام 1895م، عمل عطا أحمد الزير في عدة مهن يدوية واشتغل في الزراعة وعرف عنه منذ الصغر جرأته وقوته الجسمانية. كانت له مشاركة فعالة في مدينته في ما يسمى ثورة البراق سنة 1929 وكان فاعلا في مقاومة الصهاينة، فاقرت حكومة الانتداب حكم الإعدام عليه مع كل من: فؤاد حسن حجازي ومحمد خليل جمجوم. وتم إعدامه في يوم 17-6-1930 في سجن القلعة بمدينة عكا على الرغم من الاستنكارات الإحتجاجات العربية وكان الزير أكبر المحكومين الثلاثة سنا

ثورة البراق

في يوم (14-8-1929م ) نظم قطعان من المستوطنين الصهاينه مظاهرة بمناسبة ما يسمى ( ذكرى تدمير الهيكل ) وفي اليوم التالي (15-8- 1929 ) نظموا مظاهرة ثانيه جابت شوارع القدس الشريف حتى وصلت إلى
( حارة البراق )
 وهناك رفعوا علم الحركه الصهيونيه وراحوا ينشدون النشيد الصهيوني و تشتمون المسلمين 
وفي اليوم ( 16-8-1929 م ) كان يوم الجمعه متقاطر المسلمون من كل مكان للدفاع عن( حائط البراق ) الذي أراد المستوطنون الصهاينه الأستيلاء عليه .... وحدث الصدام .... و سقط القتلا و الجرحى من الجانبين لتعم الثوره كافه أنحاء
( فلسطين في يافا و عكا و حيفا و اللد و الرمله و القدس و غيرهم من مدن فلسطين)

كان واضحاً ان الأستعمار البريطاني يستخدم سياسه التمكين لليهود الصهاينه في فلسطين !!!!! و رغم ان الأعتدائات تمت بمبادره من المستوطنين إلا أن شرطة الأحتلال الأنجليزي أعتقلت (26) شاباً فلسطينياً ممن شاركوا في الثوره وفي الدفاع عن (حائط البراق ) .... وأصدرت بحقهم أحكاما بالأعدام !!!!! في محكمه صوريه ... ثم خففت الحكم عن( 23 منهم ) إلى السجن المؤبد و أبقت حكم الأعدام بحق كل من 
(محمد جمجوم و فؤاد حجازي و عطا الزير)

في يوم الثلاثاء الحزين ( 17- 6- 1930 م ) حددت سلطات الأستعمار البريطاني يوم الأعدام بحق الأبطال الثلاثه و ابتسامه الأنتصار على وجوههم ليسطروا بها قصيدة و ملحمه بطوليه

لم يرهبهم الموت و لا أخافهم حبل المشنقه بل تصارعوا على من يتقدم إلى منصه الأعدام أولاً. وزاحم البطل محمد جمجوم أخاه عطا الزير حتى تغلب عليه و كان قد سبقهما إلى ربهما. الشهيد البطل فؤاد حجازي الذي أعدم أولاً في الثامنه صباحاً ثم أعدم محمد جمجوم ثانياً في التاسعه صباحاً اعدم عطا الزير ثالثاً، وفارقت الأرواح الأجساد الفانيه لكن الأبتسامه و الرضا بلقاء الله تعالى لم تفارق الوجوه التي أشرقت برائحة الجنه

قال تعالى ((وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ")). آل عمران 169

التواضع و الشموخ قبل الأعدام ..... قبل ساعة من موعد التنفيذ استقبل محمد جمجوم و فؤاد حجازي زائرين قدموا لهما التعازي !!!!! كانت من النوادر أن يعزى ميت بوفاته قبل موتة

فقال محمد جمجوم : الحمد لله أننا نحن الذين لأ أهميه لنا ، نذهب فداء لوطننا فلسطين ... و ليس أولئك الرجال الذين يحتاج الوطن إلى جهودهم و خدمتهم ، ثم طلب محمد جمجوم رحمه الله تعالى الحناء له ولزميله فؤاد حجازي ليتخضبا به كعادة أهل الخليل في الأعراس

أما فؤاد حجازي .... فقال لزائريه : إذا كان إعدامنا نحن الثلاثه يزعزع شيئا من كابوس الانجليز على الأمه العربيه الكريمه ، فليحل الأعدام في عشرات الألوف مثلنا لكي يزول هذا الكابوس عنا تماما

الأشعار والأغان تخلد ذكراهم

لقد تم اعدام فؤاد حجازي في الساعة الثامنة من صباح يوم الثلاثاء ومحمد جمجوم في الساعة التاسعة وعطا الزير في الساعة العاشرة وكانوا ينشدون في سجنهم – النشيد الذي نظمه نجيب الريس

يا ظلام السجن خيم-اننا نهوى الظلاما
ليس بعد الليل الا-فجر مجد يتسامى

كما رثاهم الشاعر الفلسطيني ابراهيم طوقان بقصيدته المشهورة "الثلاثاء الحمراء" التي مطلعها

لما تعرض نجمك المنحوس-وترنحت بعرى الجبال رؤوس
ناح الاذان واعول الناقوس-فالليل اكدر والنهار عبوس

كما تغنى الشعب باغنية شعبية للشاعر نوح ابراهيم  بعنوان: احزان عام 1929، جاء في مطلعها

من سجن عكا وطلعت جنازة-محمد جمجوم وفؤاد حجازي
جازي عليهم يا شعبي جازي-المندوب السامي وربعه عموما

احدث المقالات