المنزلُ الطيراويُّ الأسيرُ - منزلُ المختارِ عبدالله السلمان
في تلك القريةِ البعيدةِ، يُوجدُ بيتُ عمي الأسيرِ. في طيرةِ حيفا الجميلةِ كان يوجدُ أحلامٌ وحياةٌ وأشياءُ طبيعالمنزلُ الطيراويُّ الأسيرُ
منزلُ المختارِ عبدالله السلمان
بقلم الأستاذ الدكتور محمود السلمان
الصوره بعد احتلال الطيره 1949 البيت ما هو عليه
في تلك القريةِ البعيدةِ، يُوجدُ بيتُ عمي الأسيرِ. في طيرةِ حيفا الجميلةِ كان يوجدُ أحلامٌ وحياةٌ وأشياءُ طبيعيةٌ تَحدُثُ كلَّ يومٍ. وفجأةً جاء السارقُ إلى المكان، وسَرَقَ كلَّ شيءٍ. مِنْ بين تلكَ الأشياءِ العديدةِ التي سُرِقَتْ في وَضَحِ النهارِ، كان منزلُ العمِّ الشيخِ المختارِ عبدِ الله السلمان. حَلَمَ عمي طويلاً قَبْلَ أنْ يبني بيتَهُ؛ كان بيتَ العُمْرِ والحُلُمِ. حوَّله السارقُ بكل وقاحتِهِ إلى "مَخْفَرٍ"، يَعْتَقِلُ فيه أصحابَ عمي وأقاربي إلى يومِنَا هذا. حَوَّلَ المنزلَ البريءَ إلى سجنٍ كَئيبٍ. لأولِ مرّةٍ في حياتي أرى "سِجْنًاً" مَسْجوناً. أخذوا حتى الحجرَ الأماميَّ الذي يَحْمِلُ اسمَ صاحبِ المنزلِ وتاريخَ بنائه، واستبدلوه بكلِّ غرابةٍ باسم مَخْفَرٍ بلغتِهِمُ العجيبةِ تلك! يُطبِّقون العدالةَ بشيءٍ مسروقٍ! لأول مرةٍ تُقلَبُ الحقائقُ أيضاً؛ فمن يرتدي زيَّ الشرطيِّ، الذي في كلِّ لغاتِ الأرضِ هو مَنْ يُطبقُ القانونَ ويكون هو المعتقِلُ للسارقِ، هو الآنَ كان السارقَ نفسَهُ، والمعتقلُ هو البريءُ.
ما هذا الهراءُ؟! ما هذه الكذبة؟! لماذا لم تَهدِموني وأبقيتُموني شاهداً على هذهِ الكِذْبةِ، أرى كلَّ خِططِكُم وأفعالِكُم كلَّ يومٍ؟ لماذا تركتموني أرى قسوتَكم وطريقتَكم الغريبةَ في العيشِ داخلَ الكِذبةِ، لدرجةِ الاستلقاءِ؟ أتعلمون أنني أَرتَعِدُ خوفاً منكم وأنتم تنامون داخلي؟ أتعلمون أنني أكرهُكُم تماماً كما يَكْرهُكُم صاحبي وحبيبي الذي يعيشُ هناك في مدينةٍ اسمُهَا إربد، يَحْلُمُ بي كلَّ يومٍ، ويتمنى رؤيتي-تماماً كما أتمنى رؤيتَه- كلَّ يومٍ؟
مَنْ أنتَ يا هذا الذي تَجلِسُ في "بَرَنْدَةِ" المكانِ الذي جَعَلْتم منها صالةَ استقبالٍ، وتنتظرون مُعتقلاً جديداً؟
ماذا يَعرِفُ جَدُّكَ عن هذا البيتِ؟ لا شيءَ. ماذا كُنتَ تَعرِفُ أنتَ عنه؟ لا شيءَ.؛ فقد وُلِدَ قَبْلَ أَنْ تُولَدَ. وحتى هؤلاءِ الذين سَكَنُوهُ ووُلِدُوا قَبْلَ أنْ يُولَدَ، لا يعلمونَ كيف وُلِدَ وكيف نَمَا وكيف كَبُرَ وكيف أَصبحَ بيتاً. حتى إنهم لم يَرَوا الذين كانوا يَحفِرُون أساساتِ البيتِ. لكنَّ عمي رآهم، وجَلَبَ لَهُمُ الشَّايَ، وغَنَّى معهم عندما أكملوا بِناءَ السَّقفِ، كما كانت عاداتُنَا تفعلُ، وأنتم لا تَعلمونَ عنها شيئاً!
لم تسمعوا تلكَ الأهازيجَ والفرحَ، والخالةُ "أم وجيه" تأتي بأجْمَلِ باقةِ نعنعٍ، وتَضَعُهُ بِيدَيهَا الطَّاهِرتَيْنِ على آخرِ إبريقِ شايٍ طبيعيٍّ، رآه هذا المكانُ!
لم يَعرفْ هذا البيتُ "خَمْراً"، ولا بَنَادقَ ولا رَصَاصَاً. كان بريئاً.. كان فقط بيتاً للنومِ والاستراحةِ ولاستقبالِ الأحباءِ.
تم استخدام البيت بعد الاحتلال دكاكيان بالدور الارضي ومنامه للمغتصبين القادمين للطيره 1950
هذا بيتٌ طبيعيٌّ، بُنِيَ عندما كان البحرُ هادئاً، لم يَأتِهِ شيءٌ غريبٌ بِلِباسٍ غريبٍ من الغربٍ، بَنَتْهُ أيدٍ طيراويةٌ شريفةٌ نقيةٌ. هذا ليس مستعمرةً بَشِعةً، ولم تَبْنِهِ آلاتُكُمُ الثقيلةُ، إنما هو منزلٌ طبيعيٌّ في مكانٍ طبيعيٍّ، يَحمِلُ أسماءَ من بَنَوهُ وزرعوا أرضَه منذ قبل التاريخ، عبدالله، ويمني وسلمان. لم يَكُنْ عمي عابراً، بَنَى شيئاً لا يَعرِفُ شيئاً عن تاريخِ مكانِ بِنَائِهِ! تَكذِبُ كُتُبُكُم.. تلكَ الكتبُ تَكذِبُ بكلِّ شيءٍ، وتَتحدثُ عن تاريخٍ من الغُبارِ والحروفِ وأساطيرَ كاذبةٍ لِتبرِيرِ سَرقةٍ حديثةٍ حَدَثَتْ بِوَضَحِ النهارِ. أَخْجَلُ يا أيها المؤرخُ الذي تَجلسُ في جامعاتٍ علميةٍ، وتتحدث عن أساطيرَ بعيدةٍ، وأنتَ لا تَعِي شيئاً عن أساسِ بيتِ عمي، واسمِ الأرضِ التي عليها بُنِيَ هذا المنزلُ البريءُ. أَتَعرِفُ "ساحة المنزول" و"مسحب النمل"، حيثُ دَفَعَ عمي إلى آخِرِ "عَامِلٍ" حقيقيٍّ بِلِبَاسٍ مَدَنِيٍّ، آخِرَ أَجْرٍ يَستَحِقًّهً نَظيرَ البِنَاءِ!!
تم تحويل البيت لمركز شرطة ويظهر بالصوره المدفع الذي تم به قصف الطيره من مغتصبة اخوزا قرب جبل المرقصه
هذا عمي الذي لطالما جَمَعَ في بيتِهِ هذا أُنَاساً لِفَكِّ نَشَبِهِم وخِلَافِهِم والصلحِ بينهم، وأنتَ تَعيشُ هناك بعيداً وليس لكَ بِكلِّ هذا شيءٌ، ولا تَعرفُ شيئاً عن آخِرِ ورقةٍ طبيعيةٍ وُجِدَتْ بِهِ، وعليها تَوقِيعُه وبَصْمَتُه وبصمةُ شيوخٍ أَفَاضِلَ آخرين، شُهودٍ على أحداثٍ طبيعيةٍ تَحدثُ بين البشرِ الطبيعيينَ الذين عاشوا في المكان. كُلُّ وَرَقِكُم هذا غريبٌ وعليهِ أسماءٌ غريبةٌ وقضايا غريبةٌ، لا دَخَلَ لها بالمكانِ، ولا بتلكَ الأهازيجِ الطبيعيةِ، التي سَمِعنَاهَا عندما كُنّا نَبنِي آخِرَ غرفةٍ طيراويةٍ فيه.
وَضَعَ عمي حَديداً على شباكِ مَنزِلِهِ لكي لا يَدْخُلَ إليه سَارقٌ. لم يَكُنْ عمي يَعلَمُ أنّ ذلك الحديدَ ستَنقَلِبُ وظيفتُهُ؛ فَيُصبِحَ حديداً لِمنعِ هُروب مُعتَقَلٍ "مِنَّا وفِينَا"، مِنْ منزِلِهِ الذي جَعَلَتْ منه وقاحَتُهُم سجناً يُسْجَنُ به أَحَبُّ الناسِ إلينا! أُناسٌ لم يَرْتَكِبُوا إِثماً، إنما كان إثمُهُمُ الوحيدُ أنهم أصحابُ المنزلِ الأصليينَ، أو أقاربُه أو جيرانُه العاديون من تلك القرى القريبة، الذين يعرفون قصةَ "وجيه" الذي تَزوَّج في هذا المنزلِ، وما زالَ بيتُهم يَحتفِظُ ببطاقةِ الدَّعوةِ إلى العُرْسِ، في منزلِ والدِهِ، صاحبِ المنزلِ الطبيعيِّ، لحضورِ فَرَحِ وَلَدِهِ.
تَحَوّلتْ دعواتُ الفرحِ إلى هذا المنزلِ، وتَبَدّلتْ عباراتٌ جميلةٌ طبيعيةٌ مثل: "يَسُرُّنَا حُضُورُكُم، وُيُمنَعُ اصطحابُ الأطفالٍ"، إلى: عَليكَ الحضورَ إلى "المَخْفَرِ" الذي لا يُريدُ أنْ يكون مخفراً، ويُشعرُ بالحزنِ وهو يَجُرُّ إليه أَحَبَّ الناسِ إليهِ، أقاربي الطيراويين الأحباءِ الذين لا يَعْرِفُهُم أحدٌ كما يعرفهم أبي.
كان الناسُ يأتونَ إلى هذا المنزلِ مبتسمين فرحين، وأبو وجيه في انتظارِهم مُهللاً مُرحباً. أصبحَ الناسُ يأتون إليهِ وهم في أقسى لحظاتِ الحزنِ والإحباطِ، وينظرُون ولا يَجِدُونَ أبو وجيه مرحباً ومهللاً كما كان. أبو وجيه ليس في كل المكان! لا يوجد إلا شجرٌ صامتٌ حزينٌ كئيبٌ، وبقايا النعنعِ قد ذَبُلَ ولا يُريدُ أنْ يَتجددَ في موسمِهِ الجديدِ، ورجلٌ أشقرُ أو أحمرُ أو أسودُ، لا دَخَلَ لهم بالمكانِ، ينتظرون آخِرَ مُعتقَلٍ وُلِدَ قُرْبَ المكانِ، ويَعرِفُ جَدُّهُ جَدَّ أبو وجيه.
يَعُدِ المطبخُ مَطبخاً ولا الحَمَّامُ حَمَّامَاً!!
صوره حديثه للبيت وتم تحويله بشكل كامل لمركز للشرطه
قمةُ الحزنِ والجرحِ والتناقضِ أنَّ عميَّ القويَّ الحزينَ، يَعرِفُ جِدِّياً أساساتِ بيتِه قَبْلَ أنْ يُغَطَّى، وكان قد سَقَاهُ من آخِرِ ماءٍ طبيعيٍّ في وادي فلاحٍ القريبِ، وهذا الذي يجلسُ هنا الآن، كان في مكانٍ بعيدٍ في الغربِ البعيدِ، يَبحثُ عن عملٍ أو شيءٍ يَسْرِقُهُ، وسَرَقَهُ، ثم سجن حيث يوجد قانون، ثم وَضَعَ على يديه وَشْمَاً وأصبح مُحترِفاً، ثم جاء بَعْدَ أنْ قَطَعَ البَحرَ، وارتدى لباساً عسكرياً غَطّى به وَشْمَهُ، وهَاجَمَ المنزلَ، وسَرَقَهُ، بلباسِهِ العسكريِّ، الذي يُشبِهُ ذلكَ اللباسَ الأسودَ الذي كان يَرتَدِيهِ عندما يَهُمُّ على سرقةِ منزلٍ قريبٍ، وبَاتَ هنا السجانُ، وابنُهُ الجديدُ الذي جاء، أصبحَ دبلوماسياً ولديه وظيفةٌ في مكانٍ بعيدٍ، ورُبَّمَا زَارَ والدَهُ السارقَ في مكانِ سَرِقتِهِ السجنَ، وأعطاهُ وِسَادةَ ابنِ عمي "وجيه" لِيُريحَ ظهرَه، دون أن يَعِيَ أَنَّ غِطاءَها كان بقايا قماشٍ مِنْ ثوبٍ نُسميه "فستيان"، كان قد زادَ من ثوبِ عمتي الطاهرةِ، وعمي هناك يَبحثُ عن وظيفةٍ جديدةٍ، ومنزلٍ للاستئجارِ، وابنُه لا يدري ماذا عليهِ أنْ يَفعلَ بَعْدَ أنْ فَقَدَ أَجْمَلَ وِسادةٍ تَعبِقُ برائحةِ شَعْرِهِ وثَوبِ أُمِّهِ، كان يَضَعُها تَحتَ رأسِه في منزلِه الذي أصبحَ هو البعيد، واقتربَ منه ذلك اللصُّ الغريبُ، وأصبح هو القريب، وأبناؤه قريبون، وعمي بعيدٌ وابنُ ابنِ عمي بعيدٌ، وكلما جاءَ جديدٌ زَادَ البعدُ، وزادَ هناك القربُ الذي لم يَكُنْ يوماً إلا جغرافيا، ولم يكن إلى يومنا هذا شيئاً حقيقياً، يَعْرِفُ القريبُ بما كان يَحْدُثُ تَحتَ الأرضِ، أو لماذا وُضِعَ حَوضُ النعناعِ ذلك هنا أو هناك، وبَقِيَ غريباً بِلِباسِه الأسودِ الذي ارتداه هناكَ، وبقي ثوبُ عمي الحريريُّ في المكانِ نفسِهِ، ولا يستطيعون رؤيتَهُ، وبَقِيَ كلُّ شيءٍ تَحتَ الأرضِ كما هو، وتَغيرتِ الأدوارُ؛ فَأصبحَ مَنْ هو سَجّانٌ يَسجِنُ صاحبَ الأرضِ، ويَتحدثُ عن جمالِ "مَخْفَرِهِ". ثم يَجْلسُ ويَنظرُ حولَه ولا يرى غَيرَ أرضٍ فارغةٍ، لا يستطيعُ أنْ يَتخيلَ كيف كانتِ الحياةُ عليها، أو مِنْ أيِّ طريقٍ أتى ذلك الدُّرزِيُّ الحبيبُ لِيطرَحَ السلامَ على صاحبِ المنزلِ، ويَدْخلَ وإياهُ ويتحدثون عن آخِرِ عَقْدِ صُلْحٍ أصبحَ تَاريخاً، وهذا الذي يَجلِسُ لا يدري شيئاً عن أيِّ شيءٍ تماماً، كما لا يدري كيف يأتي النعناع ثم يَذْبُلُ، ثم يأتي ثم يَذْبُلُ، وهو غَيرُ قادرٍ على تَخَيُّلِ كيف يَستخدمُهُ، أو ما الذي عليه أنْ يَفعلَهُ، ويَبقى يَجلسُ ويُفكرُ بأشياءَ حَدَثَتْ هناكَ وليس هنا، وبلباسِهِ الأسودِ الغريبِ هناك، ويَنظرُ إلى زيِّه العسكريِّ ثم يبتسمُ، ثم يقولُ: "يا لَلْهَولِ"! ثم يَضحكُ ثانياً؛ فهو يَعلمُ كما لا يَعلمُ مخلوقٌ، مَنْ هوّ، ويَعلمُ مَنْ هُوَ الذي كانَ هنا قَبْلَ أنْ يُجْبَرَ على الرحيلِ. ثم ينظر إلى حَجَرِ المَنزلِ ولا يَستطيعُ لمسَهُ، ثم يلمسُهُ لِيخْلُقَ شيئاً جديداً. لكنْ، هناك أشياءُ كثيرةٌ عليه أنْ يَلْمَسَهَا حتى تُصبحَ شيئاً مألوفاً، وسَيَمضِي عُمرُه كلُّه من غَيْرِ أن يُنْهِيَهَا، وسَيموتُ وهو جديدٌ ولا صِلَةَ له بِمعظمِ الأشياءِ التي لَطَالَمَا لَمَسَهَا عمي، وأصبحتْ شيئاً غَيْرَ قابلٍ لِلَّمْسِ مِنْ جَديدٍ، أو بَصماتٍ على بَصماتٍ حقيقيةٍ مِنْ غَيرِ قُفّازاتٍ أو خَوفٍ أو كَذِبٍ، يُدركُه كما لا يُدْرِكُهُ هذا الذي يرتدي لباساً عسكرياً ليعتقل به صاحبَ حقٍّ، حتى لا يستطيعَ أنْ يكونَ أو يعودَ كما كان، ويتحدثَ بِطلاقةٍ عن حوض النعناع الجميل، الذي هو للآن لا يَعرفُ هذا الغريبُ ماذا يقولُ، لو سُئِلَ عنه.
صوره للحاره القبلية للطيره ويظهر بيت المختار المرحوم عبدالله السلمان وخلفه بيت المرحوم نمر ابو راشد صامدين شامخين بارضنا رغم ما حدثوا وغير ملامح القريه
لو جاء عبدالله السلمان، لن يستطيعَ دخولَ بيتِهِ!! لن يستطيعَ أن يدخلَ الحمامَ الذي وَضَعَهُ في مكانٍ ما حتى يناسب الريح. لن يستطيعَ أنْ يدخلَ غرفةَ الجلوسِ التي جَعَلَهَا تُطِلُّ على أَجملِ "زلاقةٍ مكانيةٍ" في الحارةِ القبلية، يَسكنُها أبناءُ عمِّه الطيراويون، ولا يَعرفُ عنها هذا الذي يَجلسُ الآنَ شيئاً. كيف يَجلسُ في بلدي مَنْ لا يَعرفُ شيئاً عن "القاف"، التي لو نُطِقَتْ لَقَالَتْ له: لقد عَافَكَ المكانُ. ولَكَوَّنَتْ نَفْسَهَا مِنْ جَديدٍ مِنْ آخِرِ حُروفٍ جميلةٍ طبيعيةٍ نَطَقهَا فَاهُ عمي الحبيبِ، ثم اجتمعتْ مَعَهَا باقي الحروفِ الطيراويةِ الأخيرةِ، لِتُخْبِرَهُ وتقولَ لهُ بصوتٍ واحدٍ: "كم أَنتَ غريبٌ وسارقٌ وثقيلٌ!"، ثم تُغادِرُ مع عمي، وقًبْلَ أنْ تُفارقَ ساحةَ "المنزولِ" بِقليلٍ، تُديرُ رأسَها وتضيفُ: سأعودُ يوماً بأفواهِ أحفادٍ مِنْ بَنَى المكانَ، وتعودُ "البرندةُ" غرفةَ استقبالٍ لِكلِّ الطيراويين، شِئتَ أم أَبيتَ أيها السارقُ الغريبُ العجيبُ!
الدكتور محمود السلمان
اعداد الصور تيسير ابن طيرة حيفا