مسيرةالشهيد القائد محمد أحمدعباس
(10 ديسمبر 1948 في الطيرة – 9 مارس 2004 في العراق)مسيرةالشهيد القائد محمد أحمدعباس " ابو العباس "
(10 ديسمبر 1948 في الطيرة – 9 مارس 2004 في العراق)
الشهيد القائد فارس فلسطين الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية محمد عباس " ابو العباس " كان معلماً بارزاً ومنارةً متميّزةً، وظاهرةً فريدةً أضاءت لمرحلة طويلة من تاريخنا الوطني والقومي والنضالي والمعاصر مسيرة كفاح ونضال ، وبنت حولها هيكلاً شامخاً يلتحق به الا وهو مدرسة نضالية ويطوّرها الشهيد ابو العباس بفكره من خلال أسلوبه و تجربته.
في الذكرى الرابعة عشر لاستشهاد ابو العباس إن أردتم أن تتعرفوا على شخصية وهوية القائد المناضل ابو العباس ، فأنتم في الواقع تبحثون عن هوية أمة في فكر الرجل، وفي وجدانه وعواطفه، بل تبحثون عن إضاءات في ظلام الأمة، وعن تنظيم وطني قومي ديمقراطي فلسطيني جسد خيار وآمال أمة بأكملها في مرحلة سابقة ، فقد عمل الشهيد الفائد على تعزيز دور جبهة التحرير الفلسطينية ، وان الوفاء للشهيد القائد ابو العباس هو وفاء لرسالته ومسيرته النضالية التي شكلت نموذجا في مجتمع ديمقراطي عربي موحد.
أن بنية ابو العباس الفكرية والأخلاقية كانت واضحة شديدة الاحكام والتماسك بكاريزما قيادية نادرة تستعصي على التفكيك. ... وكان إلى جانب ذلك شخصية فذة وعظيمة ، حظيت بمكانة مرموقة... استطاع ابو العباس ومن خلال جبهة التحرير الفلسطينية ان يستقطب مناضلين من كافة الدول العربية وشتى أصقاع المعمورة.
ان ضرورة استذكاره دائماً حتى لا يتحول ـ ولن يتحول ـ إلى مجرد صورة على حائط.. لأن فلسطين، ببساطة، لن تعدم بطلاً جديداً يكمل الحكاية..
من هو الشهيد القائد محمد عباس " ابو العباس "
ولد في قرية الطيرة قضاء حيفا عام 1948، ولجأ مع عائلته إلى مخيمات الشتات في سوريا.
أكمل دراسته الثانوية والجامعية في سوريا وحصل على إجازة في الأدب العربي من جامعة دمشق، وعمل مدرسا في الادب العربي في المدارس السورية .
التحق في صفوف الثورة الفلسطينية وجبهة التحريرالفلسطينية منذ بدايات العمل الفدائي عام 1965 وتلقى العديد من الدورات التي أهّلته لمهام قيادية وانتخب عضو في هيئاتها المركزية وكان مفوضا عاما لقواتها العسكرية عام 1970 وشكل في اطار الجبهة التيار الديمقراطي من اجل بلورة رؤية سياسية وتنظيمية داخلها.
قاد العديد من العمليات العسكرية داخل أرض الوطن وابتدع وسائل مختلفة لقتال العدو. وأقام معسكرات للتدريب ساعدت قوات الثورة الفلسطينية على تأهيل كوادر ومناضلي الجبهة عسكرياً وسياسياً.
انتخب عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني في بداية السبعينات وعضواً في المجلس المركزي عام 1976 وعضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1984، وانتخب أميناً عاماً للجبهة في المؤتمر الوطني العام السابع الذي انعقد في تونس في أيلول عام 1985
أن القائد الراحل كان بمثابة صمام الأمان من الناحية الفكرية والنضالية والسياسية والتنظيمية للجبهة في كل مسيرتها ومؤتمراتها ، حيث شكل التيار الديمقراطي في الجبهة في مؤتمرها الثاني من اجل صياغة الاستراتيجية السياسية والتنظيمية للجبهة ، و في مؤتمرها الوطني الرابع تمكن هو ورفاقه من اقرار الوثيقة "السياسية" والنظام الداخلي الجديد وأعطى عملية التحول رغم اعترض البعض على ذلك وبدأت الجبهة بالتحول تنظيميا وسياسيا الى الصدارة في مواقعها التنظيمية ، وانتخب الرفيق الشهيد ابو العباس عضوا في المكتب السياسي وناطقا رسميا لها ، إيماناً منه بأن قدرة الثورة على الصمود والاستمرار تتوقف على صلابة التنظيم.
وحدد المؤتمر الرابع المهمة الأساسية في تلك المرحلة على أساس البرنامج / خط سياسي حازم ضد مؤامرة الحكم الذاتي بكافة ترجماتها لا يسمح بتسلل أية قوى فلسطينية إلى موقع التعاطي مع هذه المؤامرة تحت أي مبرر من المبررات .
كما اكد على اهمية الكفاح المسلح فكانت عملية الخالصة البطولية في 11 / 4 / 1974 لتشكل الرد على كافة المؤامرات التي تحاك بهدف تصفية القضية الفلسطينية .
في العام 1976 وعلى اثر الحرب الاهلية في لبنان وحصار مخيم تل الزعتر حصلت حالة التبلور النهائي داخل الجبهة الشعبية "القيادة العامة" فحدد الرفيق الشهيد القائد ابو العباس ومعه عدد من رفاقه في المكتب السياسي واللجنة المركزية وقيادة وكوادرواعضاء الجبهة موقفاً واضحاً وهو الانحياز الى الى القرار الفلسطيني المستقل، ساعد على فرز واضح لجسمين تنظيميين يختلفان سياسياً وتنظيمياً مما ادى الى الطلاق الديمقراطي وانعقاد المؤتمر الوطني الخامس الذي حدد العودة الى الاسم الاول للجبهة "جبهة التحرير الفلسطينية" وانتخب المؤتمر الشهيد القائد طلعت يعقوب امينا عاما والشهيد القائد ابو العباس نائبا للامين العام والمكتب السياسي والمجلس الركزي .
واكد المؤتمر الخامس على ضرورة الترابط المتبادل بين النضال الوطني الفلسطيني والنضال القومي العربي.
والقى الرفيق القائد الشهيد ابو العباس كلمة مطولة في المؤتمر الخامس تضمنت العديد من القضايا البالغة الأهمية اشار فيها الى نقاط الخلاف داخل الجبهة نتيجة قفز البعض عن البرنامج الوطني في ظل تصاعد المشروع الأمريكي- الصهيوني، مما يمهد لتصفية كاملة للقضية الفلسطينية،أما على الصعيد التنظيمي فشدد بان جبهة التحرير الفلسطينية ستعمل على اهمية وخصوصية البعد التنظيمي كتنظيم وطني ديمقراطي ثوري، فبدون توفر الأداة التنظيمية الصلبة والنواة الكفاحية والتي تتوفر فيها اشتراطات عالية المستوى، يصبح الحديث عن المواجهة والتصدي ضرباً من الخيال غير المستند لأسس واقعية صلبة، وحتى نخرج من دائرة تفسير الواقع الذي نعيشه إلى دائرة تغيير هذا الواقع بصورة فعالة، نصبح أمام واجبات وشروط أساسية وكبرى، أولها ما يتعلق بنا كتنظيم، وهل نحن مستعدون فعلياً للانقضاض على الذات ومعالجة السلبيات بكل عزم ، ومن خلال ممارسة عملية البناء بوتائر متصاعدة ولكن ثابتة وصلبة لكي نصبح واثقين بان مشروعنا الثوري يخطو بثبات على الطريق الذي حلم به مناضلوا الجبهة والذي شكل عنواناً لاستقطاب مئات المناضلين من الأعضاء و التفاف الجماهير وشكل عنوانا استشهد تحت راياته قوافل الشهداء.
وفي ضوء مداولات ومناقشات المؤتمر الخامس ، أصدرت الجبهة البرنامج والتقرير السياسي العام والنظام الداخلي للمؤتمر.
وقد بدأت الجبهة بالاعداد والتوجيه من خلال اعادة بناء الكادر التنظيمي ، كما بدأت ببلورة وترجمة قرارات المؤتمر بتصعيد الكفاح المسلح ضد العدو الصهيوني فكانت عملياتها منارة تضيئ الدرب لكل المناضلين .
وجاء الاجتياح الصهيوني عام 1978 لجنوب لبنان حيث اشرف الشهيد القائد ابو العباس ومعه عدد من الرفاق في المكتب السياسي والمجلس المركزي انذاك على قوات الجبهة في التصدي للاجتياح الصهيوني ، وكان للجبهة دور اساسي في التصدي مع القوات المشتركة الفلسطينية اللبنانية للعدو الصهيوني ، وتعرض الشهيد القائد ابو العباس والجبهة لمحاولة التصفية ، ولكن استنهضت طاقاتها واستمرت بالدفاع عن الشعب الفلسطيني .
وفي العام 1979 عقدت الجبهة مؤتمرها السادس الذي توقف امام مسيرة العامين الماضيين ليشكل ايضا قفزة نوعية في مسيرة الجبهة بعد ان ارسى القواعد الاساسية ، وخرج المؤتمر باعداد البرنامج السياسي والتقرير السياسي والنظام الداخلي ، وانتخب اللجنة المركزية للجبهة التي بدورها انتخبت المكتب السياسي والامين العام ونائبه .
وانطلقت الجبهة بشكل متجدد فكانت عملياتها في الزيب ونهاريا وبرختا والطيران الشراعي والمنطاد الهوائي ،وفي العام 1982 تعرض لبنان الشقيق للاجتياح الصهيوني وكان الشهيد القائد ابو العباس ورفيق دربه سعيد اليوسف وقيادة الجبهة من المدافعين الأوائل في التصدي للعدوان الإسرائيلي الصهيوني أثناء اجتياح لبنان ، حيث اصيب الشهيد ابو العباس في رأسه وهو يخوض المواجهات مع قوات الاحتلال الصهيوني ، وبعد انسحاب قوات الثورة الفلسطينية من لبنان واتمام معالجته في الاتحاد السوفياتي ، تعرضت منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح على وجه الخصوص للانشقاق عام 1983 حيث اعلن صرخة مدوية دفاعا عن منظمة التحرير ،وكان من المدافعين عن شرعية منظمة التحرير الفلسطينية، ووقف الى جانب المنظمة والرئيس الشهيد ياسر عرفات .
وادى ذلك الانشقاق في منظمة التحرير الفلسطينية الى اختلاف داخل الجبهة ، حيث وقف البعض ضد خطوة الشهيد القائد ابو العباس ، وعلى الاثر تدوالت قيادة الجبهة بضرورة عقد مؤتمرها السابع ودعوة جميع الرفاق للحضور ، وعقد مؤتمر الجبهة السابع في تونس عام 1985 بغياب البعض عنه ، وشكل مرحلة جديدة في استنهاض وضع الجبهة وانتخب المؤتمر الهيئات القيادية وانتخب الرفيق القائد الشهيد ابو العباس امينا عاما ورسم سياسة الجبهة للمرحلة القادمة .
وبدأت الجبهة برسم سياسة نضالية جديدة رغم البعد الجغرافي بتصعيد عملياتها العسكرية ضد العدو الصهيوني ، وخاصة اعادة الروح لمنطق الكفاح المسلح على الرغم من الخسارة الفادحة التي مني بها الجميع بالخروج من لبنان كموقع ارتكاز رئيسي للعمل الفدائي، فعمل الامين العام الشهيد ابو العباس وقتها على تعويض ذلك بمواقع اخرى للتدريب العسكري في بلدان عديدة منها ليبيا وبلدان عربية شقيقة اخرى التي احتضنت عدداً من مقاتلي الجبهة الخارجة من بيروت وفتحت لهم معسكرات الاعداد والتدريب.
ورداً على قيام العدو الصهيوني بشن غارة جوية غادرة على مقر القيادة الفلسطينية في تونس عام 1985 قامت الجبهة بمحاولة انزال بحرية على ميناء اسدود في فلسطين المحتلة بعد اسبوع واحد فقط من هذا العدوان.
كان المخطط يقتضي صعود المقاتلين على ظهر باخرة ايطالية سياحية اسمها اكيلي لارو وتقف في محطات عديدة منها الميناء المقصود.. اختيرت تلك السفينة تحديداً بعد استطلاع العديد من السفن السياحية التي تنقل السياح في رحلات طويلة ولا تثير الشبهة لرحلاتها الدورية وفعلاً ركب ستة من المقاتلين السفينة باعتبارهم سياحاً إلا ان عملية الانزال في الميناء لم يكتب لها النجاح وانكشف امر المقاتلين بطريق الصدفة وحدها عندما كان اثنان منهم في حجرتهم يستعدون لتجهيز اسلحتهم في الغرف وفجأة فتح الباب عليهم احد العاملين في السفينة ورأى الاسلحة مما جعله يهرب فوراً ويخبر الطاقم ليكون خيار فشل العملية والنزول الى ميناء اسدود قد سقط واستبدل المقاتلون الخطة بالاستيلاء على السفينة.
واعقب ذلك تدخل الرفيق الامين العام للجبهة الشهيد القائد "ابو العباس" لانهاء هذه المسألة ولكن قيام الطائرات الاميركية بخطف الطائرة المدنية المصرية التي كان يستقلها مع اثنين من اللجنة التنفيذية لـ م. ت. ف واعضاء في القيادة المصرية وكوادر قيادية في جبهة التحرير الفلسطينية وتم ارغام الطائرة على الهبوط في مطار صقلية الايطالي وفشلت القرصنة الاميركية في هدفها باعتقال الشهيد ابو العباس رغم اعتقال رفاقه على متن الطائرة في ايطاليا ومحاكمتهم واصدار احكام عليهم بسنوات سجن طويلة.
تمكن القائد الشهيد ابو العباس من الخروج الى دولة اخرى ومارست الولايات المتحدة ضغوطاً وهددت عدة دول بعقوبات ان هي قدمت اية تسهيلات للجبهة وتضييق الخناق عليها.
وبعدها صعدت الجبهة عملياتها على ارض فلسطين وخاصة في انتفاضة الحجر والمقلاع الاولى ، واطلق الشهيد القائد ابو العباس موقف لينضم السلاح الى الحجر .
وفي العام 1988 وعلى اثر المجلس الوطني التوحيدي في الجزائر اعيدت لحمة جبهة التحرير الفلسطينية بعد الاختلاف وتعانقت ايدي القائدين الشهيدين ابو العباس وطلعت يعقوب ، ولكن في غفلة خطف الموت القائد الشهيد طلعت يعقوب في دورة المجلس الوطني
، وتحمل الامانة القائد الشهيد ابو العباس التي تأثر بغياب رفيق دربه ، وحاول جاهدا اعادة الرفاق الى صفوف الجبهة الا ان كان اختيار البعض الخروج عن جسم الجبهة .
وكانت عملية القدس البحرية في 30 مايو 1990 حيث انطلقت من الشواطيء الليبية التي كان للجبهة فيها معسكران وحضور سياسي مميز لتخترق الزوارق الحربية كل المعوقات وتصل الى شواطيء تل ابيب في عملية مشهود لها.
وعلى اثر توقيع اتفاق اوسلوا اعلن الشهيد القائد ابو العباس ، موقف اعتبر فيه ان هذا اتفاق سيئ في تاريخ الشعب الفلسطيني ، مؤكدا انه سيترتب عليه جملة من النتائج الكبيرة والخطيرة ذات أبعاد سياسية واجتماعية واقتصادية اساسية ابرزها ابعاد منظمة التحرير عن ساحة الفعل الوطني ، وتبديد الحقوق الوطنية الفلسطينية من خلال مسيرة المفاوضات .
وحدد الشهيد القائد ابو العباس رؤية الجبهة الى ما بعد اوسلوا وهو الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية والتمسك بالثوابت الوطنية وقرارات الاجماع الوطني وبخيار المقاومة والكفاح المسلح وتحشيد الجماهير الفلسطينية بدون استثناء وذلك استجابة لطبيعة ومهمات مرحلة التحرر الوطني ، وترابط العمل الوطني الفلسطيني مع العمل القومي العربي، والذي يعكس رؤية الجبهة لخصوصية الصراع وموازين القوى وللبعد القومي كحاضنة للبعد الوطني، والسعي الى حشد أوسع إطار دولي لنصرة القضية الفلسطينية إلى جانب بعديها الفلسطيني والعربي، ونتيجةً لهذا الخط شكلت الجبهة وعلى مدار سنوات عنواناً جاذباً حيث التحق بها المناضلون من مختلف الجنسيات والبلدان. لقد كانت مدرسة ثورية استطاعت إقامة شبكة علاقات تحالفية واسعة النطاق.
عاد إلى فلسطين مع قيام السلطة الوطنية الفلسطينية ليشارك في أعمال مؤتمر المجلس الوطني الفلسطيني 1996 في غزة واعلن رفضه التوصيات على الغاء الميثاق الوطني ،ثم غادر بعد المؤتمر أرض الوطن حيث منعت قوات الاحتلال الصهيوني بقاءه في فلسطين فأقام في العراق الشقيق.
وفي هذه الفترة قدم الرفيق علي اسحق استقالته من صفوف الجبهة ووزعها على وسائل الاعلام ورغم كل المحاولات لعودته عن الاستقالة تمسك برأيه ، ومن هنا عقدت اللجنة المركزية للجبهة اجتماعا طارئا وانتخبت الرفيق عمر شبلي " ابو احمد حلب" نائبا للامين العام واضفت عدد من الرفاق الى اللجنة المركزية واعادة انتخاب المكتب السياسي وذلك وفقا لتوسعها الجغرافي ، ورسمت رؤية سياسية جديدة .
وفي العام 2002 صعدت الجبهة كفاحها المسلح ضد العدو الصهيوني في انتفاضة الاقصى وكانت عملية القدس الاستشهادية في 12/ 4 / 2002 والعديد من العمليات البطولية التي نفذتها كتائب طلائع التحرير الفلسطينية الجناح العسكري للجبهة .
أثناء الحرب على العراق قامت قوات الاحتلال الأميركي باعتقاله بتاريخ 14/4/2003 واستمروا في اعتقاله سنة حتى اعلن عن استشهاده بتاريخ 9/3/2004
في سجون قوات الاحتلال الأميركي في العراق،
حيث تم نقل جثمانه الى سوريا و دفنه في
مقبرة الشهداء بمخيم اليرموك