في ذكرى استشهاد المجاهد عز الدين القسام 20/11/1935---القسام في طيرة حيفا

blog post with image

 مولده ونشأته


ولد عز الدين القسام في مدينة جبلة السورية الساحلية قضاء مدينة اللاذقية السورية المشهورة ،والأرجح أن ولادته كانت في سنة 1882م 


والد الشيخ القسام هو عبد القادر مصطفى القسام من المشتغلين بالتصوف وعلوم الشريعة . ومن ذلك نشأ في بيت علم و تقى قد رُبى وتعلم في زاوية الإمام الغزالي وعمل في مدرسة " كُتاب " درّس فيها أبناء مدينة جبلة أصول القراءة وحفظ القرآن ثم اشتغل لفترة مستنطقاً في المحكمة الشرعية 

 

الشهيد عز الدين القسام


سافر الشيخ المجاهد عز الدين القسام لمصر للأزهر طلباً للعلم وهناك كان يحضر دروس الشيخ محمد عبده واستمرت دراسته في الأزهر عشر سنوات 


عاد الشيخ عز الدين القسام إلى سوريا عام 1906 بعد أن نال الشهادة الأهلية وأخذ يدرس العلوم الأدبية والقراءة والكتابة وحفظ القرآن لأطفال القرية وتولى خطابة الجمعة في مسجد المنصوري ( للمزيد من المعلومات حول الجامع أضغط ) فدب في القرية حماس ديني شديد فكانت شوارعها تُرى مقفرة إذا أذن لصلاة الجمعة، وبنشاطه في الدعوة والتعليم ذاع صيته وانتشر اسمه 


وأصبح موئلاً ومقصداً ، وكان في سيرته الشخصية مثال الفضيلة والكمال ، لا ينهى عن خلق ويأتي مثله ، ولا يدعو إلى طريق إلا ويكون أول سالك له ، فكثر إتباعه ومريدوه وعظم شأنه وذاع صيته 


جهاده

في 27 أيلول 1918 أعلن جمال باشا انسحاب الدولة العثمانية جيشاً وحكومة من سوريا وفي مطلع تشرين الأول 1918 دخلت جيوش الحلفاء دمشق 



دور الشيخ عز الدين القسام في الثورة 

خلال الحرب العالمية الأولى " 1914 _ 1918 " أخذ القسام يعطي الدروس التحريضية تمهيداً لإعلان الثورة، و عندما نادي المنادي للجهاد وكان القسام أول من لبى و أجاب ، فانضم إلى ثوار عمر البيطار في قرية شير القاق من جبال صهيون ، وانتظم في عداد رجالها وتقلد السلاح جنديا في خدمة الإسلام ، وكان معه طائفة من مريديه وإتباعه الذين علمهم وهذبهم 


فاندلاع الثورة في جبال صهيون كان من نتائج دعاياته وفي هذه المنطقة قاوم القسام أشد مقاومة وكان أول من رفع راية المقاومة لفرنسا وأول من حمل السلاح في وجهها . كما كان في طليعة المجاهدين واستمر هو وإخوانه حوالي سنة في مقارعة الفرنسيين " 1919 _ 1920 " 


محاولة الفرنسيين إقناع القسام بترك الثورة 

لقد نجح الاحتلال الفرنسي في جر صبحي بركات إلى شباكهم، وحاولت أن تقنع الشيخ عز الدين القسام بترك الثورة والرجوع إلى بيته، فأرسل الاحتلال إليه زوج خالته فوعده باسم السلطة أن توليه القضاء وإن تجزل له العطاء في حال موافقته على الرجوع والتخلي عن جهاده فرفض الشيخ القسام العرض وعاد رسول الفرنسيين من حيث أتى 


الحكم عليه بالإعدام هو ورفاقه 

ونتيجة لإصراره على خط الجهاد حكم عليه الديوان العرفي الفرنسي في اللاذقية وعلى مجموعة من إتباعه بالإعدام " فلم يزده ذلك إلا مضاء وإقداما " وطارده الفرنسيون فقصد دمشق وفي العام 1920 غادر القسام دمشق بعد أن احتلها الفرنسيون قاصداً فلسطين ليبدأ في تأسيس حركته الجهادية ضد البريطانيين والصهيونيين 


الشيخ القسام في فلسطين 

بعد أن قدم الشيخ القسام إلى حيفا بدأ في الأعداد النفسي للثورة وجعل القسام من دروسه في المسجد التي تقام عادة بين الصلوات المفروضة ، وسيلة لإعداد المجاهدين وصقل نفوسهم وتهيئتها للقتال في سبيل الله ، معتمدا اختيار الكيفية دون الكمية ، وكان للشيخ القسام حلقات درس يُعلم فيها المسائل الدينية، ولكنه كان أكثر المشايخ تطرقا لضرورة الجهاد ولمنع الصهيونية من أن تحقق أحلامها في بناء وطن قومي على أرض فلسطين ، وكان يركز على الاستعمار البريطاني وعلى الصهيونية ، ولقد استجوبته السلطات البريطانية لعدة مرات ، ولما كان له شعبية كبيرة كانت الحكومة تتجنب اعتقاله ، وكان من نتيجة وطنية الشيخ ودعوته للجهاد أن التف حوله جماعة من الرجال دفعتهم الوطنية والإيمان 

وكان الشيخ يجلس مع رفاقه بعد صلاة الفجر في حلقة صغيرة يتحدث الشيخ عن فضائل الجهاد في الإسلام وثواب الاستشهاد في الآخرة 


استغل الشيخ القسام ثورة البراق وأخذ يدعو في خطبه العرب و المسلمين إلى التصدي لكل من الإنجليز والصهيونية الحاقدة 


وكان يُذكّر الناس بالشهداء محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير ويحث الناس على الجهاد باستمرار 


تأسيس جمعية الشبان المسلمين ونشاط القسام فيها

أسس الشيخ القسام هو وصديقه رشيد الحاج إبراهيم رئيس فرع البنك العربي في المدينة فرع لجمعية الشبان المسلمين . وكان ذلك في شهر أيار من عام 1928م 

وكان الشيخ القسام يزور القرى المجاورة والمدن ويدعو فيها للجهاد وفي ذلك كان يختار القسام العناصر الطليعية للتنظيم وبدأت عصبة القسام السرية تنسج خيوطها الأساسية في عام 1925م ولكن العصبة لم تبدأ عملها الجهادي إلا بعد العام 1929 م

وكان الأسلوب الذي اتبعه القسام في تنظيم الأفراد يعتمد على مراقبته المصلين وهو يخطب على المنبر ، ثم يدعو بعد الصلاة من يتوسم به الخير لزيارته ، وتتكرر الزيارات حتى يقنعه بالعمل لإنقاذ فلسطين ضمن مجموعات سرية لا تزيد عن خمسة أفراد ثم اتسعت المجموعات لتضم 9 أفراد ، وكان يشرف على الحلقة الواحدة نقيب يتولى القيادة والتوجيه، ويدفع كل عضو مبلغاً لا يقل عن عشرة قروش شهرياً 


خطبة القسام الأخيرة في حيفا

وقف للمرة الأخيرة خطيبا في جامع الاستقلال في حيفا "وخطب في جمع من المصلين وفسر لهم الآية الكريمة :" ألا تقاتلون قوما نكثوا إيمانهم وهمّوا بإخراج الرسول وهم بدؤوكم أول مرة . أتخشونهم ؟ فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين" (التوبة 13-14) " وكان في صوته تهدج وحماسة وفي نبراته رنين ألم ممض، وفي عينيه بريق من بأس وقوة" وقال أيها الناس : لقد علمتكم أمور دينكم، حتى صار كل واحد منكم عالما بها، وعلمتكم أمور وطنكم حتى وجب عليكم الجهاد، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد: فإلى الجهاد أيها المسلمون، إلى الجهاد أيها المسلمون .


وما أن أنهي خطابه حتى كان الحاضرون قد أجهشوا بالبكاء واقبلوا على يديه يقبلونهما وعاهدوه على القتال في سبيل الله . وبعد ساعة من إلقاء الخطبة أخذت السلطة تفتش عن الشيخ القسام للقبض عليه ومحاكمته ولكنه كان قد ودع أهله وعشيرته ، وحمل بندقيته وذهب وصحبه إلى الجبال ليجاهدوا وليستشهدوا


ويذكر أن سيارة كانت تنتظره خارج المسجد ولم يشاهد مرة أخرى بحيفا بعد ركوبه فيها 

حادثة الاستشهاد

غادر الشيخ القسام مع مجموعة من المجاهدين حيفا متجهاً إلى يعبد ، وكان يتعقبهم مجموعة من عملاء البريطانيين إلى أن عرفوا مكان استقرار الشيخ و رفاقه، فحاصرهم البوليس الإنجليزي يوم 20/11/1935م وكان يقدر عدد أفراد البوليس بـ 150 فردا من الشرطة العرب والإنجليز وحلق القائد البريطاني فوق موقع الشيخ ورفاقه "في أحراش يعبد" في طائرته وعندها عرف القسام أن البوليس قادم لا محالة … عندها أعطى الشيخ لإتباعه أمرين 


عدم الخيانة حتى لا يكون دم الخائن مباحا 


عدم إطلاق النار بأي شكل من الأشكال على أفراد الشرطة العرب، بل إطلاق النار باتجاه الإنجليز . وكان الضباط الإنجليز قد وضعوا البوليس العربي في ثلاثة مواقع أمامية ولم يكن هؤلاء عارفين بحقيقة الجهة التي أُحضروا إليها وحقيقة الجماعة التي يطاردونها 

اتخذت المعركة بين الطرفين شكل عراك متنقل ، وساعدت كثافة الأشجار على تنقل أفراد الجماعة من موقع إلى آخر و استمرت حتى الساعة العاشرة صباحاً . و كان الشيخ من الفعالين في القتال ، فقد حارب ببندقية و مسدس بالتناوب ، في الوقت التي كانت شفتاه تتفوهان بالدعاء … ورغم المقاومة الباسلة التي أبداها الشيخ ورفاقه ، فقد كانت نتيجة المعركة استشهاد الشيخ و اثنان من رفاقه 

القسام في طيرة حيفا

 

           دخل الطيرة مرات عدة يعقد القران ويوعظ ويرشد ويصوب فنهل الشباب من عمله وتجاربه وبدؤوا يستعدون ليوم الحسم ، يوم اللقاء ، لقاء العدو في ساحات الوغى وكان اول الملتزمين معه من الطيرة "داود خطاب " الذي ارسله الشيخ عز الدين القسام الى سورية لعدة اشهر ليتدرب ويلتقي المجاهدين السوريين ويعود بالمساعدات والمعونات. وتتابع الشبان في الالتزام مع القسام في تنظيم سري قوي وكان من هؤلاء القساميين  في الطيرة الشيخ القائد رشيد عبد الشيخ ابو درويش قائد فصيل الكرمل ومساعده الشيخ ابراهيم القوصيني

 وقاسم الريان 

ورضوان الزعطوط 


وموسى الكزلي 

نمر وعلى واحمد الزواوي

 ومحمد فريد درباس

 ابو فريد

 ومحمد البحيري

 الملقب بالقاروط 

وابو عريشة غنايم 

من الحمولة وخضر المصاروة وسعيد واعطا ادريس وحسن الشيخ وراغب درباس واحمد موسى الباش الملقب بالشحرور وهو اول قسامي يستشهد في الطيرة عام 1936 والشيخ زكي عبد الحفيظ ويوسف السيد ابو راشد وعبد الله يوسف ابو راشد ونمر الدرباس وقد استشهد هؤلاء الثلاثة في معركة ام الدرج (وادي الدرج) مع الشيخ القائد يوسف ابو درة. وكان في فصيل الطيرة ايضا رجال معروفون من القرى المجاورة مثل المجاهد ابو خالد الحسين من عين غزال والذي كان من مجموعة الكف الاسود وايضا عدد من عرب السويطات الذين استبسلوا وقدموا العديد من الشهداء.

 

واسر البعض الاخر . وانسحب الباقون بسلام ومن بينهم الشيخ داوود خطاب ابن الطيرة والذي شكل مع بعض القساميين مجموعة الكف الاسود والتي كانت مهمتها الاولى الجواسيس والعملاء المأجورين.

 

بدأت الثورة واستلم القيادة الشيخ ابو ابراهيم الكبير الذي شكل الفصائل الخمسة الاولى من الحركة القسامية فكان الفصيل الاول فصيل الكرمل الذي قاده الشيخ رشيد عبد الشيخ ابو درويش . والفصيل الثاني في عكا والقضاء . والفصيل الثلث في شفاعمرو . والفصيل الرابع في قضاء صفد . والفصيل الخامس في قضاء الناصرة وطبرية

 

مهمات الفصائل :

           كانت القيادة تعين جهازا خاصا للقيام باعمال الاستخبارات عن الاعداء يهودا او انكليز تتبع حركاتهم العسكرية ومعرفة مناطق تجمعهم بغية مهاجمتهم في الوقت المناسب ودراسة امكانية ضرب اي هدف عسكري او مدني له اثر في اضعاف قوى العدو المشتركة ماديا ومعنويا.

اهم اعمال القيادة المحلية ما يأتي :

1.    مهاجمة دوريات البوليس الانكليزي

2.    مهاجمة المعسكرات البريطانية

3.    مهاجمة التجمعات اليهودية بما فيها حراسة المستعمرات والحقول.

4.    تدمير انابيب النفط فيما بين حيفا وبيسان

5.    احراق الدوائر الحكومية والمتاجر والمصانع اليهودية

6.    قطع اشجار اليهود واحراق مزارعهم.

7.    الاستيلاء على السلاح باي شكل من الاشعال .

8.    السيطرة على ما يمكن من اموال اليهود والحكومة

9.    ملاحقة الخونة الذين يتعاونون مع الحكومة

 

 

نبذة عن حياة المجاهدين في ثورة القسام

 

 

يذكر احد المجاهدين القساميين الجهود الكبيرة التي بذلها الثوار، والمشاق العديدة التي تكبدوها اثناء عملية التطويق الواسعة التي تقوم بها قوات الحكومة ضدهم .ويقول عن تحركات الثوار انهم كانوا يسيرون في الليلة الواحدة ثمان ساعات في الجبال.

 

فمثلا كانوا يتناولون العشاء في ترشيحا ومع الصباح يكونون قد وصلوا الى جبال سخنين عل بعد 30 كم . اما فيما يتعلق بالنوم فكان الثوار يفترشون الصخور صيفا وشتاء ويلتحف كل اثنين او ثلاثة منهم عباءة واحدة.

 

اما الطعام فكان شحيحا وفي اغلب الاحيان كان الثوار يتناولون وجبة واحدة خلال اربع وعشرين ساعة. احيانا ثمان واربعين ساعة . وكانوا كذلك يعانون من العطش الشديد والارهاق والاجهاد بسبب التنقل الدائم من منطقة لاخرى . ولكنهم كانوا ينسون الامهم ويشرون بلذة لا تعادلها لذة ونشوة ما بعدها نشوة من جراء الاعمال القتالية التي يقومون بها في سبيل تحرير الوطن والذود عن حياضه.

 

كان الثوار يقاومون الياس والضعف لانهم يعرفون المصير الذي ينتظرهم وينتظر شعبهم اذا ما تقاعسوا او تهاونوا في اداء واجبهم اتجاه الوطن والامة.

 

وكانت معنويات المجاهدين تدعوهم الى الفخر والاعتزاز لما كانت عليه من قوة ورباطة جأش .

 

وقد تجاوب الشعب مع الثورة وقدم لها الدعم المادي والمعنوي وقدم المساعدات للمحتاجين من المجاهدين ، وكان الشعب يتحمل المعاناة لانه واثق من ان النصر يستحقق في النهاية.

 

وكان يستجيب لكافة التعليمات الصادرة عن قيادة الثورة. وعلى سبيل المثال فقد صدر في 27/8/1938 امرا من القيادة العامة للثورة يطلب من الشعب الفلسطيني ارتداء الكوفية والعقال وفي غضون اسبوع واحد كان جميع الرجال في فلسطين يرتدون الكوفية والعقال. اما سبب اتخاذ هذا القرار فهو ان المجاهدين كانوا يرتدون الكوفية والعقال اثناء العمليات الحربية داخل المدن . وكان البوليس يلاحق المجاهدين وكل من يرتدي الكوفية والعقال . لذلك تختدع قيادة الثورة القرار لتأمين الحماية للمجاهدين من الاعتقال.

 


احدث المقالات